فصل: أقسامه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.الحكمة في تحريم الربا:

الربا محرم في جميع الاديان السماوية، والسبب في تحريمه ما فيه من ضرر عظيم:
1- أنه يسبب العداوة بين الافراد، ويقصي على روح التعاون بينهم.
والأدبان كلها، ولا سيما الإسلام، تدعو إلى التعاون والايثار وتبغض الاثرة والانانية واستغلال جهد الآخرين.
2- وأنه يؤدي إلى حلق طبقة مترفة لا تعمل شيئا، كما يؤدي إلى تضخيم الأموال في أيديها دون جهد مبذول، فتكون كالنباتات الطفيلية تنمو على حساب غيرها.
والإسلام يمجد العمل ويكرم العاملين ويجعله أفضل وسيلة من وسائل الكسب، لأنه يؤدي إلى المهارة، ويرفع الروح المعنوية في الفرد.
3- وهو وسيلة الاستعمار، ولذلك قيل: الاستعمار يسير وراء تاجر أو قسيس.
ونحن قد عرفنا الربا وآثاره في استعمار بلادنا.
4- والإسلام بعد هذا يدعو إلى أن يقرض الإنسان أخاه قرضا حسنا إذا احتاج إلى المال ويثيب عليه أعظم مثوبة: {وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}.

.أقسامه:

والربا قسمان: ربا النسيئة وربا الفضل.

.ربا النسيئة:

وربا النسيئة هو الزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن من المدين نظير التأجيل.
وهذا النوع محرم بالكتاب والسنة وإجماع الائمة.

.ربا الفضل:

وربا الفضل وهو بيع النقود بالنقود أو الطعام بالطعام مع الزيادة وهو محرم بالسنة والاجماع لأنه ذريعة إلى ربا النسيئة.
وأطلق عليه اسم الربا تجوزا.
كما يطلق اسم المسبب على السبب.
روى أبو سعيد الخدري أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين، فإني أخاف عليكم الرماء» أي: الربا.
فنهى عن ربا الفضل لما يخشاه عليهم من ربا النسيئة.
وقد نص الحديث على تحريم الربا في ستة أعيان: الذهب والفضة والقمح والشعير والتمر والملح.
فعن أبي سعيد قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم،: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الاخذ والمعطي سواء» رواه أحمد والبخاري.

.علة التحريم:

هذه الاعيان الستة التي خصها الحديث بالذكر تنتظم الاشياء الاساسية التي يحتاج الناس إليها والتي لا غنى لهم عنها.
فالذهب والفضة هما العنصران الاساسيان للنقود تنضبط بها المعاملة والمبادلة، فهما معيار الاثمان الذي يرجع إليه في تقويم السلع.
وأما بقية الاعيان الأربعة فهي عناصر الاغذية وأصول القوت الذي به قوام الحياة.
فإذا جرى الربا في هذه الاشياء كان ضارا بالناس ومفضيا إلى الفساد في المعاملة، فمنع الشارع منه رحمة بالناس ورعاية لمصالحهم.
ويظهر من هذا أن علة التحريم بالنسبة للذهب والفضة كونهما ثمنا، وأن علة التحريم بالنسبة لبقية الاجناس كونها طعاما.
فإذا وجدت هذه العلة في نقد آخر غير الذهب والفضة أخذ حكمه، فلا يباع إلا مثلا بمثل يدا بيد.
وكذلك إذا وجدت هذه العلة في طعام آخر غير القمح والشعير والتمر والملح، فإنه لا يباع إلا مثلا بمثل يدا بيد.
روى مسلم عن معمر بن عبد الله عن النبي أنه نهى عن بيع الطعام إلا مثلا بمثل، فكل ما يقوم مقام هذه الاجناس الستة يقاس عليها ويأخذ حكمها، فإذا اتفق البدلان في الجنس والعلة حرم التفاضل وحرم النساء أي التأجيل.
فإذا بيع ذهب بذهب أو قمح بقمح فإنه يشترط لصحة هذا التبادل شرطان:
1- التساوي في الكمية بقطع النظر عن الجودة والرداءة للحديث المذكور، ولما رواه مسلم أن رجلا جاء إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بشئ من التمر، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم،: ما هذا من تمرنا؟ فقال الرجل: يارسول الله، بعنا تمرنا صاعين بصاع.
فقال صلى الله عليه وسلم: ذلك الربا، ردوه ثم بيعوا تمرنا ثم اشتروا لنا من هذا.
وروى أبو داود عن فضالة قال: أتي النبي، صلى الله عليه وسلم، بقلادة فيها ذهب وخرز اشتراها رجل بتسعة دنانير أو سبعة، فقال النبي: لا، حتى تميز بينهما قال: فرده حتى ميز بينهما.
ولمسلم: «أمر بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده، ثم قال: الذهب بالذهب وزنا بوزن».
2- عدم تأجيل أحد البدلين، بل لا بد من التبادل الفوري، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يدا بيد».
وفي هذا يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم، «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا غائبا منها بناجز» رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد.
وإذا اختلف البدلان في الجنس واتحدا في العلة حل التفاضل وحرم النساء.
فإذا بيع ذهب بفضة أو قمح بشعير فهنا يشترط شرط واحد وهو الفورية، ولا يشترط التساوي في الكم بل يجوز التفاضل.
روى أبو داود أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا بأس ببيع البر بالشعير، والشعير أكثرهما، يدا بيد».
وفي حديث عبادة عند أحمد ومسلم: «فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد».
وإذا اختلف البدلان في الجنس والعلة فإنه لا يشترط شيء فيحل التفاضل والنساء.
فإذا بيع الطعام بالفضة حل التفاضل والتأجيل، وكذا إذا بيع ثوب بثوبين أو إناء بإناءين.
والخلاصة أن كل ما سوى الذهب والفضة والمأكول والمشروب لا يحرم فيه الربا، فيجوز بيع بعضه ببعض متفاضلا ونسيئة، ويجوز فيه التفرق قبل التقابض، فيجوز بيع شاة بشاتين نسيئة، ونقدا، وكذلك شاة بشاة لحديث عمرو بن العاص «أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أمره أن يأخذ في قلائص الصدقة البعير بالبعيرين إلى الصدقة».
أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
ورواه البيهقي، وقوى الحافظ بن حجر إسناده.
وقال ابن المنذر: ثبت أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، اشترى عبدا بعبدين أسودين، واشترى جارية بسبعة أرؤس، وإلى هذا ذهب الشافعي.

.بيع الحيوان بلحم:

قال جمهور الائمة: لا يجوز بيع حيوان يؤكل بلحم من جنسه، فلا يجوز بيع بقرة مذبوحة ببقرة حيه يقصد منها الأكل، لما رواه سعيد بن المسيب أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع الحيوان باللحم رواه مالك في المطإ عن سعيد مرسلا وله شواهد.
قال الشوكاني: ولا يخفى أن الحديث ينتهض للاحتجاج بمجموع طرقه، وروى البيهقي عن أهل المدينة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يباح حي بميت، ثم قال، أي البيهقي: وهذا مرسل يؤكد مرسل ابن المسيب.

.بيع الرطب باليابس:

ولا يجوز بيع الرطب بما كان يابسا إلا لاهل العرايا، وهم الفقراء الذين لانخل لهم، فلهم أن يشتروه من أهل النخل رطبا يأكلونه في شجره بخرصه ثمرا.
روى مالك وأبو داود عن سعد بن أبي وقاص أن النبي، صلى الله عليه وسلم، سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم. فنهى عن ذلك.
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة.
أي يبيع الرجل ثمر حائطه بستانه إن كان نخلا بتمر كيلا. وإن كان كرما أن يبيعه بزبيب كيلا. وإن كان زرعا أن يبيع بكيل طعام. نهى عن ذلك كله.
وروى البخاري عن زيد بن ثابت: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلا.

.بيع العينة:

بيع العينة نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه ربا وإن كان في صورة بيع وشراء.
ذلك أن الإنسان المحتاج إلى النقود يشتري سلعة بثمن معين إلى أجل، ثم يبيعها ممن اشتراها منه بثمن حال أقل فيكون الفرق هو فائدة المبلغ الذي أخذه عاجلا.
وهذا البيع حرام ويقع باطلا.
1- روى ابن عمر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم».
أخرجه أحمد وأبو داود والطبراني وابن القطان وصححه.
وقال الحافظ بن حجر: رجاله ثقات.
2- وقالت العالية بنت أيفع بن شرحبيل: دخلت أنا وأم ولد زيد بن أرقم وامرأته على عائشة رضي الله عنها، فقالت أم ولد زيد بن أرقم: إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة، ثم اشتريته بستمائة درهم نقدا، فقالت: بئس ما شريت وبئس ما اشتريت، أبلغي زيد بن أرقم: أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب.
أخرجه مالك والدارقطني.

.القرض:

معناه: القرض هو المال الذي يعطيه المقرض للمقترض ليرد مثله إليه عند قدرته عليه، وهو في أصل اللغة: القطع.
وسمي المال الذي يأخذه المقترض بالقرض لأن المقرض يقطعه قطعة من ماله.

.مشروعيته:

وهو قربة يتقرب بها إلى الله سبحانه، لما فيه من الرفق بالناس، والرحمة بهم، وتيسير أمورهم، وتفريج كربهم.
وإذا كان الإسلام ندب إليه وحبب فيه بالنسبة للمقترض فإنه أباحه للمقترض، ولم يجعله من باب المسألة المكروهة لأنه يأخذ المال لينتفع به في قضاء حوائجه ثم يرد مثله.
1- روى أبو هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه» رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
2- وعن ابن مسعود: أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقة مرة» رواه ابن ماجه وابن حبان.
3- وعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوبا: الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر فقلت: يا جبريل ما بال القرض أفضل من الصدقة؟ قال: لأن السائل يسأل وعنده والمستقرض لا يستقرض إلامن حاجة».